المجتمع الإنساني مسرح حافل بألوان شتى من الأخلاق وأنماط متبانية من السلوك ففريق
من الناس تتجاوب أهواؤهم وتتقارب ميولهم ويلائمون بين مطالبهم وأوضاع المجتمع
يسبحون في تياره ويتخذون من نهجه إماماً وهم جمرته والعاملون في نموه وبقائه.
وفريقٌ منهم يرون أدواء المجتمع ويلمسون مواطن الضعف فيه فيألمون له ويشفقون عليه
ويطبون له فهم الهداة وحملة المشاعل ينيرون له السبيل ويرسمون المثل ويأخذون بيده
في مدارج الرقي وهم المصلحون.
وفريق قد أهمتهم أنفسهم, فهم حراص على إرضائها, وإرواء رغباتها, لا يبالون
بالمجتمع ولا يحفلون به بل ينقمون عليه ويحاربونه سراً وجهراً فيشفق بهم ويشفقون به.
وإنما اختلف سلوك الناس في المجتمع باختلاف عاملين عظيمين يؤثران في أنفسهم هما
الوراثة والبيئة فالناس يرثون استعداداً فطرياً للسلوك لا يكاد يختلف فيهم إلا قليلاً, إنها
الغرائز يزود بها كل امرئ على وجه البسيطة لكن هذه الطاقة الحيوية الموروثة قد تتجه
إلى الخير وقد تتجه إلى الشر وهذه الغرائز في حالتها الفطرية عند الإنسان تشبه الغرائز
في الحيوان. لولا تربية الإنسان وتجاربه لكان كالحيوان في تصرفه ولكان أسلوبه فطرياً
كأسلوب الحيوان في استجابته لدوافع الغرائز لكن السلوك الفطري لإشباع الغرائز قد
يلقى في المجتمع مقاومة ومعارضة فيضطر إلى تعديل أسلوبه الغريزي شيئاً فشيئاً
فيعلو به حيناً ويستبدل به أحياناً وكلما نما تقدم في سبيل التعديل حتى يصير سلوكه إجتماعياً.
ويحدث ذلك أطواراً بعضها البعض فلا يصل طفرة إلى السلوك المقبول في المجتمع وهو
ما سميناه سلوكاً إجتماعياً بل يمر بمراحل مختلفة من السلوك تمثل حياة الجنس البشري
في تاريخه الطويل, ومراحل نموه من الحياة الفطرية البدائية في الغابة إلى الحياة
المتحضرة في المدينة.
وهو يسلك في مبدأ حياته مسلكاً تحكمة اللذة والألم فما شعر فيه بسرور أتاه وما أحس فيه
ألماً تجنبه وإن له في هذا الطور من حواسه هادياً ودليلاً فيتجنب النار لأنها تؤلمه
ويتخطف الحلوى لأنها تمتعه.
ثم يعلو درجة في سلم النمو فيدرك الثواب والعقاب ويفهم الأمر ويعرف النهي ويصدع
بما يؤمر به مما ينبغي وينهي عما لا ينبغي فهو في هذا الطور خاضعٌ بما يؤمر به مما
ينبغي وينتهي عما لا ينبغي.
من الناس تتجاوب أهواؤهم وتتقارب ميولهم ويلائمون بين مطالبهم وأوضاع المجتمع
يسبحون في تياره ويتخذون من نهجه إماماً وهم جمرته والعاملون في نموه وبقائه.
وفريقٌ منهم يرون أدواء المجتمع ويلمسون مواطن الضعف فيه فيألمون له ويشفقون عليه
ويطبون له فهم الهداة وحملة المشاعل ينيرون له السبيل ويرسمون المثل ويأخذون بيده
في مدارج الرقي وهم المصلحون.
وفريق قد أهمتهم أنفسهم, فهم حراص على إرضائها, وإرواء رغباتها, لا يبالون
بالمجتمع ولا يحفلون به بل ينقمون عليه ويحاربونه سراً وجهراً فيشفق بهم ويشفقون به.
وإنما اختلف سلوك الناس في المجتمع باختلاف عاملين عظيمين يؤثران في أنفسهم هما
الوراثة والبيئة فالناس يرثون استعداداً فطرياً للسلوك لا يكاد يختلف فيهم إلا قليلاً, إنها
الغرائز يزود بها كل امرئ على وجه البسيطة لكن هذه الطاقة الحيوية الموروثة قد تتجه
إلى الخير وقد تتجه إلى الشر وهذه الغرائز في حالتها الفطرية عند الإنسان تشبه الغرائز
في الحيوان. لولا تربية الإنسان وتجاربه لكان كالحيوان في تصرفه ولكان أسلوبه فطرياً
كأسلوب الحيوان في استجابته لدوافع الغرائز لكن السلوك الفطري لإشباع الغرائز قد
يلقى في المجتمع مقاومة ومعارضة فيضطر إلى تعديل أسلوبه الغريزي شيئاً فشيئاً
فيعلو به حيناً ويستبدل به أحياناً وكلما نما تقدم في سبيل التعديل حتى يصير سلوكه إجتماعياً.
ويحدث ذلك أطواراً بعضها البعض فلا يصل طفرة إلى السلوك المقبول في المجتمع وهو
ما سميناه سلوكاً إجتماعياً بل يمر بمراحل مختلفة من السلوك تمثل حياة الجنس البشري
في تاريخه الطويل, ومراحل نموه من الحياة الفطرية البدائية في الغابة إلى الحياة
المتحضرة في المدينة.
وهو يسلك في مبدأ حياته مسلكاً تحكمة اللذة والألم فما شعر فيه بسرور أتاه وما أحس فيه
ألماً تجنبه وإن له في هذا الطور من حواسه هادياً ودليلاً فيتجنب النار لأنها تؤلمه
ويتخطف الحلوى لأنها تمتعه.
ثم يعلو درجة في سلم النمو فيدرك الثواب والعقاب ويفهم الأمر ويعرف النهي ويصدع
بما يؤمر به مما ينبغي وينهي عما لا ينبغي فهو في هذا الطور خاضعٌ بما يؤمر به مما
ينبغي وينتهي عما لا ينبغي.